عندما أغمضت عيني داخل المغارة رأيت رضيعا لم يتجاوز عاما من عمره، رأيته نائما فوق سرير، كان وحيدا، أين ذهبوا وتركوك؟ حاولت أن أوقظه، لمست أنفه ببطء فأحسست بيد تلامس أنفي، مررت أصابعي فوق رأسه فأحسست بأصابع تمر فوق رأسي..، سألت الكبيرة:
- إنه أنا، هل هذا أنا؟
- نعم إنه أنت.
- أنا حقيقي إذن، وأظن أنني أعيش في أحلام هذا الصغير، أريد أن أعرف أين أنا بالضبط هنا أم هناك.
- يصعب الحسم، لكن يمكن القول إنك سجين هنا.
عندما تنطفئ كل الأضواء ويصير العالم مظلما لولا النجوم، ستعتقد أن العالم لا حدود له، سينتابك وأنت تنظر إلى النجوم إحساس قوي بأن هناك حياة ما في مكان ما في السماء، لا يمكن أن تقتصر الحياة على هذه النقطة الصغيرة من الكون، هناك حياة أخرى هناك، صرخت بقوة: "أين أنا أيتها الكبيرة؟" أجابت من بعيد، من نقطة صغيرة أخرى وسط الكون، أجابت: "أنت في الفضاء، في السماء، بين النجوم" سألتها بعد أن أنهت حديثها مباشرة: "ماذا يوجد خلف كل هذا الظلام؟" أجابت: "يوجد النور خلف كل هذا الظلام، يوجد نور يقتل الجميع، لا بد أن يخترق حاجز هذا الظلام يوما ما فيقتل الجميع" ستعتقد أن العالم لا حدود له، لكن ستكتشف أن نورا سيخترق السماء ذات يوم ويأخذك إلى النهاية.
كنت أصرخ بقوة، ربما أنا جائع، ذلك الطفل الصغير الذي يصرخ في مهده هو أنا، ربما أنا جائع أو أشعر بألم أو في حاجة إلى من يحملني بين يديه لأنني مللت من الاستلقاء على ظهري فوق هذا المهد، لا أعرف أنا أخمن فقط، سمعت صوتا يهمس في أذني: "لا تصرخ يا صغيري، لا تبكي، الأقوياء لا يصرخون ولا يبكون.." أحسست بيدين كبيرتين يبدو أنهما لعملاق، يحملني ويضمني إليه، فتوقفت عن البكاء والصراخ، هل هذا أنا؟ كم أنا ضعيف! كم أنا ضعيف!
لم أمت كما كنتم تتصورون، كنت فقط في غيبوبة، استيقظت متأسفا متحسرا لأنني لم أجد نفسي في ذلك العالم الذي ظهرت فيه لأول مرة، عندما كنت مجردا من أية هوية ومن أي اسم ومن أي مكان، عندما كنت مجرد فكرة في ذهن شخص ما، الآن صرت حقيقيا في مكان حقيقي، وهذا ما يمنعني من التواصل معكم أحيانا، أنا مثلكم ولا جديد عندي لأخبركم به، كنت في غيبوبة لمدة لا أعرف قدرها تحديدا لكن أعتقد أنها مدة طويلة، كنت في المهد آخر مرة والآن مستلق فوق نعش، أحس بهم يهرولون بي نحو المقبرة، صرخت: "هل أنا ميت؟ هل ستدفنونني
يومياتي في بلاد العجائب
0 تعليقات
أكتب لتعليق