الولايات المتحدة بلد المهاجرين بامتياز، وبفضل سواعدهم تحولت إلى أقوى قوة اقتصادية في العالم، وبفضل تنوعهم واختلافهم نجحت في سن واحد من أكثر الدساتير تسامحاً وإقرارا للحريات الفردية والجماعية في العالم، لكن أبواب الولايات المتحدة أقفلت في وجه المهاجرين بعدما تم إقرار نظم جديدة، وزاد الأمر صعوبة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر التي اتخذتها بعض الجهات المحافظة في "واشنطن" ذريعة للمطالبة بإقفال الحدود ووقف تدفق المهاجرين.</p>لكن أمريكا لا تستطيع الاستمرار بدون مهاجرين واليوم نلقي الضوء على نظام تأشيرة التنوعDiversity Visa أو ما يعرف بقرعة (الجرين كارد) التي تحولت إلى حلم يراود الملايين عبر العالم.<p> </p><p>كيف ظهرت تأشيرة التنوع</p>وبحسب موقعwww.dvlottery.state الذي نشر التقرير فإن الكونجرس الأمريكي قد اقر سنة 1990 قانوناً جديداً للهجرة تحت رقم (4978) Stat 104 تم بموجبه رفع عدد المهاجرين المسموح لهم دخول الولايات المتحدة من نصف مليون مهاجر إلى 700 ألف مهاجر سنوياً، وتم استحداث 40 ألف تأشيرة تمنح للأشخاص الذين سيلتحقون للعمل داخل أمريكا لمدة طويلة تقودهم في النهاية للاستقرار في البلاد و64 ألف تأشيرة قصيرة الأمد للعمال الذين سيقيمون بصفة مؤقتة فقط قبل أن يعودوا إلى بلدانهم، كما تم استحداث نوع جديد من التأشيرة أطلق عليه اسم تأشيرة التنوع Diversity Visa خصصت له 50 ألف تأشيرة يتم منحها عن طريق تنظيم قرعة سنوية يشارك فيها مواطنون من دول تتميز بوتيرة هجرة ضعيفة في تجاه الولايات المتحدة، وبموجب القانون المذكور أعلاه تم أيضاً فرض امتحان اللغة الإنجليزية على المتقدمين لنيل الجنسية الأمريكية بالإضافة إلى إلغاء شرط الإصابة بمرض الإيدز كسبب للإقصاء من الحصول على تأشيرة دخول للولايات المتحدة.
حقائق عن القرعة
الجرين كارد هي الحصول على بطاقة تخول لحاملها الإقامة الدائمة داخل الولايات المتحدة، وتعرف بالجرين كارد نسبة إلى لونها الذي كان أخضر في البداية لكن السلطات الأمريكية غيرت لون البطاقة أكثر من مرة فأصبح وردياً ثم أبيض إلى أن عاد شريط صغير أخضر يتوسط خلفية البطاقة الإلكترونية التي يتم منحها للمهاجرين حالياً.
الملايين من الناس تعتقد أن إدارة الهجرة والجوازات الأمريكية هي المسئولة عن برنامج قرعة الجرين كارد لكن موقع وزارة الخارجية يؤكد أن الوزارة هي المسؤولة قانونياً عن البرنامج وليست دائرة الهجرة، وقد تم إحداثه للتغلب على أعداد المهاجرين المرتفعة الذين تدفقوا على الولايات المتحدة من ثلاثة بلدان رئيسية هي المكسيك والصين والفلبين، وتم استحداث البرنامج للحفاظ على التنوع العرقي الذي يتميز به المجتمع الأمريكي واستقطاب مهاجرين جدد من إفريقيا وأوروبا بالأساس وهي القارتان اللتان تحظيان بثمانين بالمائة من حصة تأشيرات التنوع في السنوات الأخيرة، ويقوم مركز قنصلي تابع لوزارة الخارجية الأمريكية يقع في بلدة "وليامسبورج" بولاية "كنتاكي" بالإشراف على عملية سحب الأسماء وتوجيه رسائل الإخطار إلى الفائزين وكان مركز "بورتسموث" بولاية "فيرجينيا" يقوم بهذا الدور حتى سنة 2000 عندما تم نقله إلى ولاية كنتاكي.
يتم إخطار مئة ألف شخص بنجاحهم في الفوز بقرعة الجرين كارد تحسباً لعدم اكتمال ملفات البعض وعدم إتمام البعض الآخر للمعاملات في الوقت المناسب، لكن في النهاية يتم منح خمسين ألف تأشيرة تنوع فقط للمئة ألف الذين تم إخطارهم في البداية، وتشترط وزارة الخارجية أن يكون الفائز حائزاً على درجة علمية تفوق شهادة الثانوية أو عاملاً في مهنة ما أكثر من سنتين مع قضائه لسنتين سابقتين كفترة تدريب مما يعني أربع سنوات من الخبرة في مجال من المجالات.
البلدان الممنوعة من المشاركة في قرعة هذه السنة
من المقرر أن يتم توزيع التأشيرات على ست مناطق جغرافية في العالم، مع تخصيص عدد أكبر لمناطق ذات أعداد مهاجرين منخفضة إلى الولايات المتحدة، ويعتبر مواطنو البلدان التالية غير مؤهلين للتسجيل في القرعة لأن عدد المهاجرين من تلك البلدان إلى أمريكا فاق 50 ألف مهاجر على مدى السنوات الخمس الماضية وهي: البرازيل، كندا،الصين، كولومبيا، جمهورية الدومينيك، إكوادور، السلفادور، جواتيمالا،هايتي، الهند، جامايكا، المكسيك، باكستان، بيرو، الفيليبين، بولندا، روسيا، كوريا الجنوبية، المملكة المتحدة (في ما عدا أيرلندا الشمالية) والأقاليم التابعة لها)، وفيتنام.
أما الأفراد الذين ولدوا في منطقة هونج كونج الإدارية، وماكاو، (التابعتين لجهورية الصين الشعبية)، وتايوان فهم مؤهلون للتسجيل في القرعة.
عدد التأشيرات الممنوحة سنوياً
وبلغ عدد تأشيرات الهجرة التي تمنحها لمهاجرين من مختلف بلدان العالم سنة 2000 أكثر من أربع مئة ألف وأربعة عشر تأشيرة، لكنها انخفضت بشكل كبير عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر ووصلت إلى ثلاث مئة وثمانين ألف سنة 2003 ثم بدأ عدد التأشيرات في الارتفاع ابتداء من سنة 2004 وبلغ نحو ثلاث مئة وثمانين ألف تأشيرة هجرة لأمريكا، أما بالنسبة لتأشيرات الزيارة لدخول أمريكا فكانت أكثر من سبعة ملايين ومئة ألف تأشيرة في العام 2000 وانخفضت إلى ما دون السبعة ملايين سنة2001 وانخفضت إلى أربعة ملايين وسبعة ألف تأشيرة سنة 2003 وابتداء من سنة ألفين وخمسة عاد العدد إلى الارتفاع وبلغ خمسة ملايين وتسعة وأربعين ألف تأشيرة سنة 2004 لكن الرقم لم يصل لغاية الآن إلى سبعة ملايين تأشيرة دخول التي كانت تمنحها الولايات المتحدة قبل هجمات الحادي عشر من سبتمبر.
كم تبلغ حظوظ المشاركين في القرعة؟
حسب دراسات علمية ورياضية توردها مواقع أمريكية مهتمة بقرعة الجرين كارد فإن شخصاً واحداً من بين 118 من المشاركين في القرعة السنوية ينجح في الحصول على تأشيرة التنوع ويتمكن من القدوم إلى الولايات المتحدة والاستقرار بها. كما تشير تلك المواقع إلى أن نحو ثمانية وعشرين في المئة من الطلبات يتم استبعادها من المشاركة بسبب عدم استيفائها للشروط التي تنص عليها وزارة الخارجية إما فيما يخص حجم الصورة أو كيفية كتابة الطلب أو أشياء من هذا القبيل، مما يعني إلغاء ثلث الاستمارات التي يتوصل بها المركز القنصلي بولاية "كنتاكي". وبلغ عدد المهاجرين المقيمين داخل أمريكا بفضل حصولهم على قرعة الجرين كارد عشرة ملايين مهاجر سنة 2007، فيما بلغ عدد المشاركين في قرعة السنة الماضية الخاصة 2008 ستة ملايين وأربع مئة ألف شخص خلال فترة الشهرين التي سمح بالتسجيل فيها، في نهاية العام الماضي.
شروط المشاركة في القرعة
يمكن لأي شخص أن يشارك في القرعة مادام يقطن في واحدة من البلدان المخول لها المشاركة هذه السنة (لائحة البلدان المحرومة من المشاركة تتغير سنوياً)، ويجب أن يملأ الراغب في المشاركة استمارة إلكترونية (وزارة الخارجية ألغت الطلبات الورقية منذ سنة2003 ) وحسب موقع وزارة الخارجية الأمريكية فالاستمارة يجب أن تتوفر على الآتي:
الاسم الكامل: الاسم الأخير،اسم العائلة، الاسم الأول والاسم الأوسط
تاريخ الميلاد: اليوم والشهر والسنة
النوع: ذكر أم أنثى
مكان الولادة سواء كان مدينة أم قرية، واسم الدولة المولود بها.
صورة رقمية للمتقدم تخضع لشروط معينة فيما يخص الطول والعرض ولون الخلفية وملامح الوجه التي يجب إبرازها ومستوى النظر عند التقاطها ويكون حجمها الأقصى (62500)
العنوان البريدي:على أن يتضمن اسم المدينة أو القرية أو المقاطعة أو البلد أو الإقليم أو الولاية والرقم البريدي واسم الدولة
رقم الهاتف (اختياري) البريد الإلكتروني (اختياري).
بالإضافة إلى ذكر الوضع الأسري: أعْزب أو متزوج أو مطلق أو أرمل أو منفصل قانونياً. وكل من فاز في القرعة يكون أمامه 12 شهراً لإتمام عقد الزواج إن كان خاطباً ويمكنه ضم ملف الزوج أو الزوجة للمتقدم الأصلي وهكذا يسافر الزوجان معاً. يجب على المتقدمين ذِكْر عدد الأولاد غير المتزوجين والذين تقل أعمارهم عن 21 عاماً، باستثناء الأولاد الذين يتمتعون بالإقامة الدائمة القانونية في الولايات المتحدة أو يحملون الجنسية الأمريكية.
عملية انتقاء المتقدمين وإخطارهم
بلغ عدد المشاركين في قرعة 2008 أكثر من ستة ملايين وأربع مئة ألف شخص، ويقوم جهاز كمبيوتر متطور بعملية اختيار عشوائية لملايين الطلبات الإلكترونية التي تنهال على المركز القنصلي بولاية "كنتاكي" ويتم إخطار الذين وقع عليهم الاختيار بواسطة البريد العادي في الفترة الواقعة ما بين شهري مايو ويوليو من كل عام عبر رسائل عادية تزودهم بمزيد من التعليمات، بما في ذلك معلومات عن الرسوم المتعلقة بالهجرة إلى الولايات المتحدة والتي قد تصل في بعض الدول إلى ما يعادل 1000 دولار، أما الأشخاص الذين فشلوا في القرعة فلا يتم إخطارهم بأي شيء وتم إهمال ملفات طلبهم بشكل آلي، وتعمل السفارات والقنصليات الأمريكية المنتشرة حول العالم على متابعة ملفات الفائزين عبر دعوتهم لإجراء الفحوصات الطبية ودفع تكاليف إنجاز المعاملات وإجراء المقابلات الشخصية التي تعتبر آخر حاجز في عملية الاختيار وعلى إثرها يقرر القنصل الأمريكي ما إذا كان المتقدم سيحصل على الجرين كارد أم لا، وهناك حالات تكون قد مرت بجميع المراحل السابقة بنجاح لكن المقابلة الشخصية مع القنصل في السفارة الأمريكية أو ما يعرف بـInterview يكون هو الحسم النهائي في مسألة الحصول على بطاقة الإقامة أم لا. ويحق للأزواج أو الزوجات والأولاد غير المتزوجين دون سن 21 عاماً لمن وقع عليهم الاختيار طلب الحصول على تأشيرات دخول لمرافقة أو اللحاق بالمتقدم الرئيسي الذي نجح في القرعة.
عمليات نصب متنوعة على الراغبين في تحقيق الحلم الأمريكي
لا تفرض وزارة الخارجية الأمريكية أية رسوم على المشاركة في برنامج قرعة الجرين كارد السنوي، كما تنفي الوزارة أن يكون لدى الحكومة الأمريكية موظفون أو مستشارون أو مكاتب معتمدة تقدم خدمات خاصة في الخارج لتسهيل عملية التسجيل في هذا البرنامج وتؤكد أن أي وسطاء أو غيرهم ممن يقدمون المساعدة من أجل إعداد ملف طلب الحصول على تأشيرة الإقامة للمتقدمين إنما يفعلون ذلك دون أي تخويل أو موافقة من الحكومة الأمريكية وتحذر من عمليات النصب التي يتعرض لها الملايين سنوياً حول العالم من قبل شركات وهمية تدعي أنها مخولة من قِبَلِ الحكومة الأمريكية لتلقي الطلبات أو إعدادها مقابل مبالغ تتراوح بين عشرة و100 دولار وقد قدرت دراسات مستقلة أن المبالغ التي يتم استخلاصها من مواطنين سذج سقطوا في شراك شركات وهمية تدعي صلتها بوزارة الخارجية الأمريكية بأكثر من ستة عشر مليون دولار سنة 2006.
ويذكر في الأخير أن مجلس النواب الأمريكي كان قد تقدم بمشروع قرار يدعو إلى إلغاء تأشيرة التنوع سنة 2005 بدعوى أن الإرهابيين يمكن أن يستغلوا البرنامج لدخول الولايات المتحدة والإقامة فيها والتخطيط لشن هجمات إرهابية ضد أهداف أميركية، إلا أن مجلس الشيوخ رفض مشروع القانون آنذاك، غير أن النائب الجمهوري عن ولاية "فيرجينا" "بوب جودليت" تقدم خلال شهر مارس المنصرم بمشروع قرار جديد يدعو لإلغاء البرنامج لكن الكونجرس لم ينظر بعد في الموضوع، لهذا تعد الأخبار التي أشارت إلى أن قرعة هذه السنة تعد الأخيرة، عارية عن الصحة لأن تمرير مثل هذا القرار سيلقى معارضة شرسة من قبل المنظمات المدافعة عن حقوق المهاجرين، ومن قبل عدد من المشرعين الديمقراطيين الذين يرون في تأشيرة التنوع علامة على تسامح بلادهم وترحيبها بالمهاجرين من مختلف الجنسيات والثقافات والأديان
0 تعليقات
أكتب لتعليق