وحدها دعوات أمه وابتسامتها الساحرة ما يُبقيه على قيد الأمل وما يحفظ بصيص فرحة موقوفة التنفيذ تحت ظروف العجز والألم. وحيد في غرفة تطل نافذتها على بهو فسيح، استلقى حسن على ظهره يراقب هاتفه اللعين بنصف نظرة احتقار، ويُدوّر عينيه الغارقة في وجهه يبحث عما يشتت تركيزه على صداع رهيب تداعت له جميع أطرافه بالفشل.
الدوار يعرف حركة غير عادية، أطفال صغار بملابس تقليدية ويدين زينتها نقوش الحناء، رائحة المرق والبخور تعبق في الأرجاء. تهاني وتبريكات امتزجت بدعوات للشفاء، تجيب عنها الأم بعبارة واحدة ترددها ك موال حزين مشبع بإيمان صادق بالقدر والقدير.. آمين.
لولا روح الدعابة وفسحة الأمل، لانتهى العرس قبل ان يبدأ. سخرية الصعلوك من مرض حل به ضيفا غير مرغوب فيه، طغت عن أجوبته لكل سؤال يطل عليه من نافذة غرفته. ضحكة مزيفة تُبقي الجميع على موعد مع فرحة ناذرا ما تزور القرية.
ليلة أمس، قرأت على مسامعه خطبة وداع موحماد مول الحانوت، وقرأت له بعض تعليقات جاءت على هيئة حزن كاذب مصطنع واخرى كانت ساخرة مستفزة. أسترق نظرات خاطفة لأقرأ تقاسيم وجه الحافة، لم ألاحظ شيئا غريبا. فقط حسرة على الحال وشفقة على النفس وتكهن بمصير متشابه منتظر يحصد آلاف الجيمات ومئات التعاليق المتباينة بين شامت حقير ومتعاطف خجول ومتلدذ بمعاناة الغير. أنانية مفرطة ترغب في الرقص على وجع الآخرين، نرجسية مستبدة تريد الاستمتاع على وثر تحقير الذات والتمرغ في التراب. ستون ألفا او تزيدون وبعضكم فقط من حمل وجع الصعلوك على محمل التآزر.
في النهاية، يبقى حسن إنسانا يمرض ويتعب ويشعر بالعجز. انسان له حياة خاصة لها معنى. ومهما سخر من بؤسها فما كان القصد وراء اختلاق قصص وابتكار روايات وخلق شخصيات الا لنقل صورة ترفضون التصريح بها عن بؤس تعشش في داخل كل واحد منا ومنكم. لكنه اليوم، صادق بالفعل، عاجز ولا أحد منكم سيصدق دمعة مهرج على المسرح. دمعة تنزل لتعلو ضحكاتكم المستفزة وتصفيقاتكم اللعينة.
حال حسن محزن حقا، بين رغبة في الرقص فرحا بآخر عنقود عائلة جميلة يفتخر بها وتحبه، وبين مرض أبى إلا أن يجعله طريح فراش العجز، تعلو ابتسامته الطيبة لترحب بالجميع وتتمنى لكم واقعا أجمل..
0 تعليقات
أكتب لتعليق