تـزوجت أمي أبي رغم رفض أهلها هـذا الزواج، بل لقد وضعت نصف قدميها على حافة البئر مهددة اياهم أنها سوف تلقي بنفسها نحو أعماقه حـالا، خيرها جدي بينه وبين الرجل الذي يود الزواج بها، حزمت حقائبها وغادرت، كانت تلك آخر مرة سترى فيه الدوار، لقد كرر جدي على مسامعها ألا تعود، وإن عادت سيطعم لحمها للكلاب، ظل يهدد حتى توارت عن انظاره، لحقت بها أختها الصغيرة "صفية"..آلتي لم تفارقها يوما، بل أنها هي من ربتها واهتمت بها بعد موت جدتي، لقد بكت بحرقة شديدة بينما تستغيثها أن تعدل عن قرارها، عادت صفية تجر خيبة آمالها، والدموع تكوي خديها...
تم زواج أمي بسورة الفاتحة، أبي حينها كان يعيش فقرا مدقعا، وأخـوه "سي بوشعيب" هو من وهب له "براكة" ليستتر منها، صفائحها القصديرية مرقعة، جنباتها نهشه الصدأ، والسقف ممتلئ بالثقوب، حين كانت السماء تمطر كانت توزع السطول باتجاه الثقوب، ومع ذلك يتبلل الفراش، مساحتها مساحة مرحاض في عمارة سكنية، أناس يعيشون في مساحة مرحاض، ما اقحبها هذه الحياة، كم هي ظالمة حقيرة، وحتى البراكة لم تكن تحتوي على مرحاض، التبول في السطل والخراء في السطل، كم كنت أكره أن يخرى أبـي، كان غوطه كريه الرائحة، كادت رائحته ذات ليلة أن تخنقني، لقد فقدت الوعي برهة، قلت لأمي ذات مرة اخبري أبي ألا يتناول الفاصوليا والبـيض، فور أن أخبرتها السبب لقولي ذلك صفعتني بحواشة...
كانت أمي تبيع الحساء أمام باب السوق، فيما كان أبي يعاقر الخمر، كانت أمي هي من تقوم بكل شيء، حتى بدور أبـي، أبي لم يكن يفعل أي شيء، عاطل ويذخن بشراهة سجائر "كـازا"..ويلعب القمار في المقهى الخلفي، شرب الخمرة ومضاجعة أمي بعنـف، هل أمي تحتفظ برجلها فقط لأجل الجنس، إذا الشيء الصالح في أبي هو قضيبه، اتخيله بدون قضيب، بدونه سيكون نكرة، آه لو كان بدونه، ما أتيت حينها للجحيم هذا، لم أكن أرى أمي سعيدة إلى حين تعتلي أفخاذ أبي، ولكنها تصرخ، وتبكي أحيانا، تقول له أسرع..؟ أسرع..؟ يسرع في ماذا يا ترى..! يقولون أن صراخ الشهوة لذة، اللعنة على اللذة آلتي تذل فيها أمي نفسها...
بعد سنوات جمعت أمي ما يكفي من المال، اشترت به منـزلا، سيكون لنا أخيرا مرحاض، سنتبول كباقي النـاس، فيما أنجزت لأبي مشروع تجاري في "كراج" الدار..تتطور مشروع أبي، وفي سنتين فقط أصبح "هـري"..كما أنه أشترى سيارة كبيرة وصار يوزع بها المواد الغادئية، على محلات البقالة، صار أبي يهتم بالتجارة، ماله ينمو، في السنة الثالثة ماتت أمي، حين لم يشأ داء السرطان أن يتركها تعيش..
بعد سنوات جمعت أمي ما يكفي من المال، اشترت به منـزلا، سيكون لنا أخيرا مرحاض، سنتبول كباقي النـاس، فيما أنجزت لأبي مشروع تجاري في "كراج" الدار..تتطور مشروع أبي، وفي سنتين فقط أصبح "هـري"..كما أنه أشترى سيارة كبيرة وصار يوزع بها المواد الغادئية، على محلات البقالة، صار أبي يهتم بالتجارة، ماله ينمو، في السنة الثالثة ماتت أمي، حين لم يشأ داء السرطان أن يتركها تعيش..
كان رحيل أمي أمرا صعبا، كان موت في جسد حي، بالخصوص أني ابنها الوحيد، لا أخوة لي من رحم أمي، أشرب أدوية وصفها لي الطبيب كي أنـام، اقراص منومة، صرت مدمنا عليها، بت الآن من المدمنين، اهلوس في الليل أحيانا، وأحيانا أمشي حافي القدمين في الدروب، أتخيل أمي في كل الأشياء، إنها لا تفارقني، وهذا شيء يعذبني بسادية...
لم يندمل الجرح بعد، تقدم أبي لخطبة شابة عشرينية، إنها الموت مرتين، والعذاب مرتين، ألا يحترم هذا الملعون القذر روح أمي، أموت في وحدتي دون أمي وأموت حين أرى امرأة تتدثر فراشها، أجساد النساء وسيلة في عقول من هم مثل أبي، كل الرجال مثل أبي، تسحق التضحية سحقا أمام شهوات الرجال، سنوات الكفاح لم تعني له الشيء، الشيء الذي يعنيه هو غارة قضيبه، أشفق على أمي، آه لو كانت حية لترى بنفسها، أجزم لو أنها عادت ما ندمت على كفاحها، بل لو عاد الزمن إلى الوراء وهي تعلم أن هذا الهراء سيحدث، ما توانت عن التضحية، لأن جوف المرأة معدن لا يصدأ، جوف الرجال تحكمه الشهوات، قد يشتري الرجل شهوته مقابل أمه، قد يسجد لزوجته وهو يلعق أسفل رجلها في خضوع، بينما يركل أمه شاتما إياها بأبشع الصفات، طغى الجسد مكـان أمي، والكفاح أضحى خرافـة..@
0 تعليقات
أكتب لتعليق