أجساد البغال وعقول العصافير.. لا دور لهما فالحياة ...........

الأحدث

6/recent/ticker-posts

أجساد البغال وعقول العصافير.. لا دور لهما فالحياة ...........

 الساعة تشير للخامسة والربع، من يومه الأحد 31 دجنبر، بتوقيت الدوار. توقيت الدوار يختلف عن توقيتي غرينتش ومكة المكرمة وحتى عن توقيت ساعة "بيك بونغ" الشهيرة.. عقارب ساعة الدوار تتحرك وفق مزاج صياح الديك، يعلن عن بداية النهار بصيحته الأولى قبل آذان الفجر، ويودع الناس اليوم بصيحة الساعة السابعة إلا ربع، وما بينهما من ساعات طويلة لا يلتفتون له لعدم أهميته؛ فأغلبهم غارق في أعمال مرهقة ومتعبة؛ ويمتنع الديك عن الصياح لسبب غير مفهوم...
تلك الساعة؛ ساعة الغروب؛ تملأ رائحة أنفاس الدوار الكريهة.. أنفاس تشبه رائحة فم تمساح التهم جيفة ذكر جاموس نافق؛ ولأن الأنوف تعودت على الرائحة واستكنت لها، ما عاد أحد يتأفف ولا يمتعض.. كرياتنا الحمراء أدمنتها كالنيكوتين..
فتلك الساعة بالضبط، وبينما أنا مشغول بتلميع حذائي الرياضي القديم؛ كنسمع الدقان فالباب ديال الدار، ومن سوء حظي مجدداً، أن الواليدة هي لي مشات تحل الباب.. لقات الدراري لي كنت متافق معهم مسبقاً ندوزوا رأس العام بأكادير؛ وجمعوا لأجل السهرة وقضاء وقت ممتع، 22 ألف ريال.. كانوا أحد عشر شابا مراهقا، أكبرهم يا الله دار لكارط ناسيونال؛ ومن يوم ما استخلاص بطاقة تعاريفه الوطنية؛ فقد هويته وانتمائه للدوار.. صار يرغب في الرحيل، وتعدت أحلامه شراء هاتف عريض الشاشة؛ لألمانية تحبه وتأتي لأخذه من هنا..
حلات الواليدة الباب ولقاتهم قدامها متأنقين وفي أبهى حلة.. وأغلبهم يدهن شعره بجيل رخيص تفوح منه رائحة النعناع.. حتى أصغرهم النابث في الأرض كحبة فجل لبس سرواله الجديد ورش عطر فوق قميصه القطني ذو الأكمام الطويلة.. تفاجأت الوالدة بحضورهم المريب ذاك. وطلبت منها أكبرهم أن تنادي علي؛ فعادت تبرطم بكلام لحدود باب الغرفة:
ء والمسخوط.. أش بينك إنت والداري الصغار، فين غادي بيهوم ثاني.. ها وذني منك رآه منعرفك إلاّ درتي شي مصيبة..
وأنا كنلبس الحذاء بعد مسحه، ولأبعد عني أي شك أو ريبة، جاوبتها:
ء والو.. رآه غا غنمشي معهم لتارودانت نشريوا التونيات والكرة باش نأسسوا الفرقة..
يبدو أنها لم تقتنع.. فآخر شيء ممكن أن يجيده هذا الجسد النحيل هو دحرجة الكرة؛ وآخر شيء ممكن ان تستحمله رئة مخنوقة بالدخان هو اللهث خلف بالون جلدي منفوخ.. عرفت بأنها لم تقتنع، فانعكست مشاعر التذمر على ملامحها المتعبة..
طيلة ذيك اليومين الفاصلة؛ ومن ساعة ماشديت الفلوس، وأنا أفكر في حيلة أتخلص بها منهم فأكادير.. حيلة تدفعهم للعودة وترك المبلغ لي كاملاً أستمتع بتبذيره في الشرب.. حيلة تخيفهم وتجبرهم على الفرار بدل البقاء في مدينة لا يعرفون عن ليلها شيئا.. وفعلاً؛ وبعد استنفار لكل مواهبي في الخسة والنذالة، استطعت أني نفكر في حيلة محبوكة..
فأكادير كنعرف واحد جوج دراري ضخام الجثة؛ وتصدق عليهم  قولة   ؛ أجساد البغال وعقول العصافير.. لا دور لهما فالحياة عدا الأكل والتدريب داخل صالة لكامل الأجسام.. كل انشغالتهما مرتبطة بتكبير الصدر ونفخ عضلات الساعدان.. المهم اتصلت بهما؛ أصلا درت روشارج 50 درهم من 22 ألف ريال، ودار حديث بيني وبينهما على الخطة...
يتبع.... 

إرسال تعليق

0 تعليقات

Comments system

Contact us

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *