لستُ لَقِيطاً، ولا ابْنَ شوارِعَ. صَحِّحُواْ مَفَاهيمَكُمْ، ولا تَرْمُواْ البراءةَ بسِهامِ حُرُوفِكُم. أنا ابنُ امرأةٍ كاملةٍ، ونصفِ رجُلٍ. عشْتُ تسعةَ أشهُرٍ مِثلَكُم، اختلفَ لونُ حياتي عن لونِ حياتِكمْ في أرحامِ أمَّهاتِكُمْ. نجوتُ مِنَ الإِجهاضِ عنْ خوفٍ، أو قِلَّةِ جُرْأَةٍ من أمي. سَقَتْنِي دُموعُ الهَجْرِ والتِّيهِ، وكابدتُ الحُزْنَ والغَمَّ بعد تَخَاذُلِ مَنْ خَرجْتُ مِنْ صُلْبِهِ ذاتَ نزوةٍ، أو مُتعةٍ مُخْتَطَفةٍ في لحظةٍ التحفَتْ بالحُبِّ.
أنا الحبُّ الذي تخلى عنه عشيقان عند منتَصَفِ الوَعْدِ، وتركوني وحيداً على رصيفِ المُعاناةِ.
أنا الوعدُ الذي قطعَهُ نِصْفُ رجُلٍ وصدَّقَتْهُ أنثى ناقصةُ عقلٍ، وكاملةُ حُبٍّ. أنا ثمرةُ نَزْوَةٍ أخطأتْ الحِسَابَ. أنَا ضحيَّةُ علاقةٍ تنازلتْ فيها أمِّي عَنْ شَرَفِها لِمَنْ غَلَّفَ لها المَكْرَ بالأمَلِ، وصَدَّقَتْ عَنْ غباءٍ أنَّها في حُضْنِ رَجُلٍ لا يَخُونُ.. رجُلٍ وَعَدَها أنْ يَرْفَعَ الجِبَالَ عنْها، ليَرْفُضَ بعد أنْ تَحسَّسَ نَبَضاتِ قلبي في بطنِها، أنْ يَرْفَعَ سَمَّاعَةَ هاتِفِهِ الذي يَرِنُّ ليُومِئَ بالاحْتِضَارِ. غادَرَها في منتصف الطريقِ بعدَ أنْ عَرَّتْ لهُ عنْ رُوحِها ليَلْهَثَ خَلْفَ أنثى أخرى كَشَفَتْ له عن ساقِها.
لَسْتُ ابنَ عاهرةٍ؛ فالمُومِساتُ فَهِمْنَ لعبةَ العُهْرِ جيداً، واتَّخذَنْ مِنَ الجِنْسِ تجارةً لا مُتْعَةً، ولا مجالَ للخطإِ. يعرفْنَ أينَ يبْدأْنَ، وحيثُ ينتهينَ، ومتى يتوقَّفْنَ، وأنَّى يواصِلْنَ، ويعرفْنَ، أيضاً، كيف يتخلَّصْنَ من مُضغةٍ إذا سكنتْ أرحمهُنَّ قبلَ أن ترقُصَ روحاً في بَطْنِهنَّ.
لستُ لقيطاً، بل أنا الحبُّ الذي تركتُمُوهُ خَلْفَكُم على رصيفِ الاحتضارِ، وإنْ لمْ أغْفِرْ لكم، فلن يغفر الله لكم.
فضيلة الشيخ عبد العزيز شاطر
0 تعليقات
أكتب لتعليق