بمجرد شد الرحال بين تونفيت في اتجاه زاوية سيد يحيى أيوسف والمرور بين غابات البلوط الكثيفة ، حتى تستقبلك لوحات إبداعية تشكلها غابات لأشجار الأرز بالثلوج في مرتفعات الأطلس، إذ لا بد للمسافر أن يتوقف لثوثيق ذكرى الزمان والمكان، وسط غابات بمثابة مفخرة بيئية تحافظ على توازن إيكولوجي لا يستهان به..
غابات، جندت أيادي خفية وشرعت في إجهاض مواليدها وذبح كبيراتها من الأشجار، بعدما كانت بالأمس تحتضن مملكة أسد الأطلس بمختلف فصائل الحيوانات البرية قبل أن ينقرض جلها، إنذارا بحدوث تغييرات غير متوازنة تهدد بانقراض أكبر إرث غابوي يعتبر بمثابة الرئة التي تنفس منها أعلى رقعة جغرافية للطبيعة والبشر بشمال إفريقيا..
وبالرغم من وجود مصلحة سامية تعنى بالحفاظ على حياة الحيوان والبشر من خلال إحياء وحماية المساحات الغابوية في المغرب، وبالرغم من جدية سياستها وغنى برامجها المستهدفة لحماية الثروة المائية والغابوية وتجنب تحول المناطق الغابوية والثلجية إلى صحاري جافة، إلا أن النزيف الذي لحق بأكبر كنز للثراث البيئي في العالم يظل مهددا بالانقراض من جراء النهب والاستنزاف الذي يطال أشجار البلوط والأرز في الأطلس المغربي، في زمن يحذر فيه الباحثون بالخطورة التي تهدد حياة البشرية فوق البسيطة بسبب التغييرات المناخية التي أصبحت رموز فك معادلتها تتشكل شيئا فشيئا.. فلمن يوجه أصبع الاتهام في نهب الثروة الغابوية بجبال الأطلس إذن؟ الجهة الوصية؟ السكان المحليون؟ أم هناك جهات اختارت الاستثمار في تهريب داخلي يدر عليها أرباحا لا تخضع للضريبة المهنية ولا الضريبة العامة على الدخل؟
انتقلت بين أكبر غابات للأرز في العالم تونفيت بأقاليم ميدلت ووقفت على حجم الاستنزاف الذي يتعرض لها هذا الإرث البيئي.
تبادل التهم
تشير بعض أصابع الاتهام إلى بعض أعوان حراسة الغابة، بالتواطئ مع عصابات تتميز بالمهنية في استنزاف الغابة وتتوفر على خطة عمل محكمة في تهريب مسروقاتها سواء باختيارها للأوقات التي يصعب فيها مراقبتها خاصة في موسم تساقط الثلوج، تواطؤ يكلف الثروة الغابوية فقدان أزيد من 5000 الآلاف هكتار من أجود الأشجار سنويا، خاصة الأرز الذي يعرف طلبا كبيرا في أسواق الخشب وبأثمنة عالية.
ومن جانبها تتهم الساكنة المحلية بعض أفراد إدارة المياه والغابات بالتستر على المقاولات التي تستفيد من قطع الغابة قصد تزويد السوق المحلية والوطنية والجهوية بحطب التدفئة وحاجياتها الصناعية من أشجار الأرز، في إطار السمسرة التي تقام سنويا في شكل علني، لا تخلو وفق كل من حدثونا عنها من مضاربات تنتهي على حساب الغابة، من خلال قطع ضعف المساحة التي تحددها الإدارة في خريطة المواقع المعروضة للبيع والتي تخضع لشروط تهم أن تكون الشجرة يابسة وجافة، وهو ما لا يتم احترامه من لدن المستفيدين، إذ «يعمدون إلى مسح العلامات التي يضعها التقني الغابوي على الأشجار التي تدخل في عملية القطع باستعمال مادة «الدوليو»، ووضع علامات بنفس اللون من الصباغة على أشجار أخرى من الحجم الضخم والذي سيدر على المقاول أرباحا مهمة: ويتم ذلك أحيانا بتواطؤ ممن يراقبون العملية، إذ تتجاوز المساحات التي تدمر خارج القانون في هذا المجال الهكتارين « تؤكد المصادر المطلعة لـ»التجديد».
تحايل على القانون
بلغ السيل الزبى والهيئات المدنية بمختلف مداشر الإقليم تدق ناقوس الخطر، « الغابة تستنزف بشكل يدعو إلى القلق ويوجه الفاعلون في الإقليم أصابع الاتهام إلى السياسة المعتمدة في تدبير الغابة وحمايتها، إلى ضعف أداء مصالح المياه والغابات بالإقليم، مما يستدعي مقاربة تشاركية في تدبير عوض تبدير الثروة الغابوية لضمان الاستقرار، مع التحذير من إمكانية حلول التصحر في المناطق الثلجية وهو ما سيقلب المعادلة البيئية في المنطقة،
hamid wa hammou
0 تعليقات
أكتب لتعليق