من السذاجة والغباء حصّر الوطنية في قطعة قماش فتحت عينيك وأُجبرت على رؤيتها ترفرف في كل مكان

الأحدث

6/recent/ticker-posts

من السذاجة والغباء حصّر الوطنية في قطعة قماش فتحت عينيك وأُجبرت على رؤيتها ترفرف في كل مكان











 الوطن معندوّش علاّقة بكتانة حمراء ولا بيضاء ولا فُستقية وخا 


يتوسطها جان كيزخان نفسه.. لا علاقة بينهما اطلاقا؛ ومن 



السذاجة والغباء حصّر الوطنية في نشيد وقطعة قماش فتحت 


عينيك وأُجبرت على رؤيتها ترفرف في كل مكان وعلى راس 



كل 



مؤسسة، ولم تسأل يومًا عن رأيك في ألوانها.. قد لا تحبُّ ألوان 



فستان والدتك لكنك مجبر على أن تتحمله لأنه يحمل رائحتها.. 



ونفس الشيء حين يتعلقُ الأمر بالأعلّام.. تُنكّس للغرباء 



والأجانب، وحين يتعلق الأمر بفاجعة محليّة، لا يُزعجون 





مُناغشتها للرياح المُشاغبة.. يدعّونها تتدلع ذات اليمين وذات 




الشمال في غنج بنت أرستقراطية تغوّي أشباه الرجال بصوت 




فرقعة كعبها العالي.. لا يزعجونها كي لا تصاب بإحباط وتفشل، 




فيما يشبه الشلل، في التلويح مجددا لمهبّ الريح .. وأشبه بالنكتة؛ 




من يربطون بين الأعلام والبيّارق والرايّات وبين الوطنية والهيام 




في الوطن حد الثمالة والعشق.. ويقيّمون، من التقييم اللغوي، بين 




وطنيتك وعدد الأعلام المدسوسة بجانب ملابسك القليلة داخل 



الدولاب، ومدى انسجامكما وأنت تتلّحف به في مناسبة ما قادتك 



الظروف لحظورها.. مُخزّ أن يُحصر الوطن في ثوب لا أهمية 



لثمنه.. ولعديدون عبروا عن انزعجاهم من هذا التكالب على 



الوطن باختصاره في كتانة لا تدفئُ جسدا باردا.. ولا تمنع تسرب 




قطرات المطر من سطح بيت قصديري مُتهالك.. ولا يشفط قُطنها 




الدموع قبل نزولها كمدا وحرقة.. ولا يمسح جبين عجوز يائس 



من الغد.. ولا تحمي رأساً من لطمة شمس الظهيرة القاسية.. ولا 



تستأنس به الأجساد المتحرّرة من عبادة الرموز التافهة.. وكثير 



من الكتاب والمفكرين حاولوا لفت انتباهنا لماهية الأعلام.. فها هو



 جبريل الأشقر يصفه بأنه: "الرمز الذي يضعه البنك الدولي حتى 



يعلم كم شعبا أرهق بالديون".. وحنا مينا كتب فيه " لا يقبل 



دموعنا ولا يمسحها".. وخالص جلبي سماه "صك اعتراف بأن 


دول العالم الثالث لازالت مستعمرة برموز خلفها وراءه، ومن 


خلالها، يحصل على نصيبه كاملا من الكعكة ".. اختلفوا في 



تسميته؛ لكنهم، جلهم، الذين ذكرت أسماءهم وأخرون، لم يلصقوا 



الوطنية به.. الوطنية أبعد ما تكون عن أن تسجن صورة 



"خَنشوشك"؛ بين إطار يحمل ألوان علم كنت تُجبر على رؤيته 



صباحا بباحة المدرسة وانتظار رفعه.. كانت لحظات عسيرة 



نتحمّلها بصبر وجَلد.. كان الخوف؛ ولا شيء آخر غيره يدفعنا 



لرفع أعناقنا وارهاقها بالنظر لقطعة القماش وهي ترتفع ببطئ 



شديد.. لم نكن نستحمّل برد الصباح فنتحرك في أماكننا لخلق 



بعضا من الحرارة لعلها تتغلب على لسعات صقيع مقلق لأصابع 



أقدامنا العارية.. ويخلق المدير بصوته الآمر ذعرا ورجة في 



نفسيّاتنا الهشّة فنتوقف عن النطّ والحركة.. يعتقد هو أننا مشاغبون 



ولا نبالي بقيمة ذاك الثوب المرتفع.. يبدأ في الصراخ بأن هذا هو 



الوطن.. بينما، ولكون أرجلنا تتدوّر جوعا للدفئ، كان الوطن 



يتهيأ 



لنا في صورة جوارب قطنية جديدة، وحذاء لا يهم نوعه، المهم 




ان 



يكون صالحا للاستعمال والانتعّال..



تعودنا على خلق الأعذار لنتحاشى الوقوف في طابور الصباح 



وتتبع صعور العلم لعُليائه معززا مكرماً، ولا يهم على حساب 




كرامة من سيرتفع لأعلى.. نتخلف لدقائق رغم أننا سنعاقب.. 



تتشابه مبررات تخلفنا عن حضور مراسيم كل صباح.. نوّبخ تارة، 



وتارة أخرى، نُجبر على إحضار أولياء أمورنا ليخبروهم عن 




منسوب وطنيتنا المتدني، وأن عليهم طهيها لنا بإبريق الشاي.. 



ووقع ذات مرة أن انفعل تلميذ من كم التوبيخ.. نظر للعلم 



المرفرف من نافذة مكتب المدير؛ وصرخ مُحتجاً:



ء كون سولتوه كون هو لي تبرا منا وميبغيش يشوفنا معمّشين مع 



الصباح..



تمرده هذا.. الحقيقة المُرة، كلفته مجلسا تأذيبيا حَكم عليه بتغيير 



المؤسسة.. غيّر المؤسسة لكنه لم يغير الوطن.. ظل الوطن هو 



هو، لا أحمرا ولا شُكلاطيّا.. ظل غريزة وحب مطبوع في 



الفؤاد.. 



الحارس العام الذي يتكفل بمهمة توصيل العلم في أمان لأعلى 



العمود، يفعل ذلك بحذر وبطئ شديد مما يزيد من توثرنا 



وانفعالنا.. كنا نرغبُ في أن ينتهي كل شيء بسرعة البرق لندلّف 




الأقسام ونتدفى خلف جدرانها.. نُسرع في ترديد النشيد كي نُجبره 




على الإسراع في شده لأعلى.. يلوح المدير في صمت بيده "أن 



خففوا قليلا"؛ كان دافئا.. بَنطلونه الصوفي، ومعطفه الروسي 



الطويل، والشّال الملفوف حول عنقه، وحذاءه الجلدي السميك، 



جعلت من جسمه لقمة غير سهلة للبرد.. يطوف حوله محاولا 



البحث عن منفذٍ لخصيته، وحين يتعب، لا يجد أمامه سوى ان 



يعود ليهيننا أكثر....



كان الوطن خَوف.. ومن نشأ على الخوف من الوطن.. كرِهَه جدا 



وما استشعر ما يفعله كتعبير عن هذا الكره.. وصحيح اننا نشجب 



الأفعال الصبيانية وردات فعل المراهقين تُجاه الاعلام، إلا أن 



جمع 


كل البيض في سلة واحدة تهوّر لا يقل عن تهور من أحرق 




العلم.. 



الريف لا يرتبط بأشخاص؛كما الوطن، غير معني بالرموز 



والدلالات والشعارات والأهازيج.. لا ينفك اللصوص في الإساءة 



للوطن كل يوم.. العاهرات يتلحفن به وسط مواخير مراكش 



وأكادير.. الخليجيون يجعلون منه حصيرا لنزواتهم مع 



المومسات 


المغربيات...



ولست مُجبرا بأن أُُقبل، أوأحتضن، أو أن أحترم قطعة قماش 



نزعتها الشيخة طراكس من وسطها مبلولة.. مبلولة بعرق 



الإسفاف..




لا بعرق البطولات والإنجازات..






ولقدكانت مليكة اوفقير محقّة حينما كتبت تقول:





ء"سنعاني كثيرا لأننا خرجنا باستقلال معطوب"..



والله أعلم عاوتاني.. 




حسن الحافة

إرسال تعليق

0 تعليقات

Comments system

Contact us

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *