أخنوش لا ترحل..
حتى تُشربنا الذُّل علقمٌ والمُرّ مرار..
لا ترحل..
فأحزانُنا أفراحك.. وديوننا أرباحٌ لك.. وقروضنا رواج لتجارتك.. وانكساراتنا صفر أخر ينضاف لرقم ثروتك التسلسلي الطويل.. ودمع المقهورين يسقي غلّتك الفلاحية على طول مئات الهكتارات، وإن ادعيّت ما من مرة بأنك لاتملك ضيعة ولا ثروة؛ فنحن نُصدقك صدق يعقوب لأبنائه بعد عودتهم بدون يوسف واتهامهم الذئب بأكله، صدَقهم في غياب حيلة، لكنه بكى خيبة تصديقهم وهو الذي يعلم نواياهم ومع ذلك سمح له بمرافقتهم..
هم نحن يعقوب.. والحبل المرميُّ ليوسف في الجبّ رجاؤنا من الله.
لا ترحل..
حتى تُعيد تربيتنا التربية التي نستحق وأنت أهلٌ لتأذيبنا.... لا ترحل حتى ترفع جدران المعتقلات ونتسلق الحلم بعيوننا على طول إرتفاع الحجارة المُسيجة بأسلاك شائكة.. لا ترحل حتى تبني السجون بجوار السجون لأن عدد الكارهين لهذه الرقعة يزداد يوما بعد يوم وستحتاجها لتلغي حق الكلام.. وإن كانت اللعنات والتذمرات اليوم صامتة محتشمة مقتصرة على أضعف الأيمانات_ على وسَمٌ (هاشتاغ) _ فغدا، يحول الضغط الكلمات والتذمرات لنار حارقة..
لا ترحل حتى ترسل جميع الصحافيين المهنيين للزنزانة، وتمنح بطاقة (نݣافة) لمن يدخل بيوت نومنا غصباً كي يزيد من تكريس التفاهة والانبطاح ويسفّه الذوق .
لا ترحل..
حتى ترفع من سعر وتسعيرة كل شيء.. من القمح للشعير.. من الزبدة للدقيق.. من الفول للعدس.. من الكازوال للماء.. ولا تنسى الصابون والملح.. زد في كل شيء ولا تلتفت لصراخ الهجيج المختبئين خلف الهواتف.. زد وارفع وغَلّي حتى تعيد تذكيرنا بأننا حمير تُشترى بالريال وتُجرّ لسوق العبودية بالدرهم..
لا ترحل..
فنحن في حاجة ماسة لوجودك لعلنا _ في يوم ما_؛ ربما، نتدبر حكمة المثل الانجليزي القائل..
لا يمكن أن تضحك على الكلب العجوز مرتين، أما الجراء فإنها تسقط ضحية حيلة كل مرة..
ويا ليتنا لم نكن حميرا وكنّا كلاباً عُجَز.
ف الله ارحم ليك الوالدين..
لا ترحل..
0 تعليقات
أكتب لتعليق