سيدي الرئيس، أنا أمانة في عنقك إلى يوم يبعثون، أنت ولي امري وأنا ابن هذا الشعب

الأحدث

6/recent/ticker-posts

سيدي الرئيس، أنا أمانة في عنقك إلى يوم يبعثون، أنت ولي امري وأنا ابن هذا الشعب

حتى لا ننسى:
رسالة من طفل شوارع إلى رئيس الحكومة:
سيدي الرئيس، اكتب لك اليوم بعد سماعي تمريركم لمشروع تشغيل الأطفال فوق السادسة عشر . سيدي أحدثك الآن من موقف سيارات الأجرة الكبيرة وأنا أنتظر من صديقي ان يحضر ما نسافر عبره هذه الليلة إلى عالم الأحلام (الدوليو) وحتما ستعرفه لأنك من الشعب وإليه، _على الأقل هذا ما أخبرتني به امي يوم شاهدتك على التلفاز في بيت جدي بعد أن تركنا والدي في الشارع_. أنا يا سيدي ثمرة نزوة أخطأت الحساب، أعيش في الشارع واتسكع في الطرقات وآكل مما فضُل من طعامكم قبل أن تذهب به الشاحنات بعيدا، أبيت في عمارة مهجورة أنا وعائلتي، أنا أصغرهم واكبرنا لم يبلغ السادسة عشرة بعد.
حكايتي يا سيدي بدأت حين فكر أبي الغبي في الزواج، ولو وضعتم قانونا يمنع الأغبياء من الزواج والمفلسون كذلك ما كنت أكتب لك اليوم، ولن افعل كذلك لو اختار أبي ان يرميني في كيس بلاستيكي بدل رحم أمي أو أن يمسحني في خرقة بالية لأني واثق أنه لا يملك ثمن العازل وأمي لا تجيد الحساب. طلقها أبي بعد أن يأست تحمّل لكماته وليالي البرد والجوع دون أن يحاول وضع يده في جيبه إلا لإخراج سيجارة بيضاء ذات رائحة كريهة.
كان عليكم سيدي الرئيس سن قانون يجرّم الزواج دون الخضوع لاختبار يسمح لك النجاح فيه بالزواج. أبواي لم يتوقفا عن حب بعضهم حين قررا الطلاق، لم يغادرهما ولو ليلة واحدة بل يرافقه الغباء أحيانا، فكنت اسمع انفاسهما في الفراش حيث كنا ننام في غرفة واحدة، وأنا أتخذ وضعية الجنين واضعا يدي على بطني لإسكات امعائي ومنحوا الحياة لثلاث أغبياء آخرين.
عليكم سيادة الرئيس تجريم الانجاب كذلك، فكل دقيقة ينضاف غبي إلى هذا العالم، وعليكم معاقبة كل زوجين فكرا في الانجاب ما لم يكن باستطاعتهما رعايته وتربيته ويمنع منعا كليا إنجاب أكثر من إثنين.
ولو علّمتم أمي معنى الأمومة قبل الأنوثة ما كُنت خارج بيت جدي الآن، إنها لا تفكر بنا إطلاقا بقدر ما تفكر فيما سترتديه مساءا وكيف سيكون خليلها هذه الليلة غير مبالية بأحاديث جاراتها العجائز ولا بوشوشة بنات الحي فيما بينهن كلما تأنقت للخروج. تفعل ذلك بعد ان دخل والدي السجن لعجزه عن دفع النفقة. (أنتم أغبياء فعلا، لو كان والدي يملك مبلغ النفقة ما ترك والدتي).
خرجت بدوري بعد أن استحال جلوسي على مقعد في الفصل والحصول على محفظة وكتاب وبعد إهمال امي لنا وضرب زوجة خالي المبرح واعتداء أبناءها علي.
سيدي الرئيس، أنا أمانة في عنقك إلى يوم يبعثون، أنت ولي امري وأنا ابن هذا الشعب الذي تحصل على اجرتك من جيوبه، قبل أن تحميني بمنع الآخرين من تشغيلي، ومعاقبة السماسرة وإغلاق أبواب الرزق في وجهي، اطالبك سيدي ان تحمي طفولتنا من التشرد ويكون لكل أبناء السفهاء والأمهات العازبات والمطلقات في هذه المملكة بيت يأويهم، دار لأطفال الشوارع والآثار الجانبية لعلاقة عابرة، وضريبة الزواج الفاشل واليتامى وأبناء السبيل، دار تضمن لهم مأكل ومشربا وملبسا وتمدرسا.
أطالبكم سيدي بدل السماح لتشغيل أطفال الفقراء في البيوت مراعاة لضيق ذات اليد بأن تدعموهم وتعينوهم وتكفوا عن الزيادات في مراتبكم على حساب لقمة عيش الفقراء.
وحين تسمح بتشغيل الفتيات بعمر السادسة عشرة في البيوت، استحضر مستقبلها بعد أن تتجاوز ذاك العمر وتنتهي صلاحيتها في ذاك البيت، أسألك إذا كنت ترضى أن ترهن احداهمن طفولتها لخدمة أبناء الغير وحين تبلغ من العمر مبلغا تعاتبونها لأنها خرجت إلى المجتمع فاسدة الأخلاق بعد ان تلاعب بجسدها الصغير مراهق طائش يقيم معها في نفس البيت!؟
أردت أن اخبرك عني أكثر، لكن صديقي وصل وأحضر معه تذكرة العبور إلى الأحلام ولا أعتقد أني ساصادفك هناك. وحدها الملائكة تعانقني وتقبلني وتحضنني في ذاك العالم.
ولأني أعرف أنكم لن تقرؤوا هذه الرسالة، فلا داعي ان ارفقها بكلمات الشكر والتقدير.
شاطر عبد العزيز باسم طفل شوارع
11/05/2016

إرسال تعليق

0 تعليقات

Comments system

Contact us

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *